الأعمال التي يتقرب بها في يوم عرفة لغير الحاج أولا: الصيام : من العبادات العظيمة التي يتقرب بها العبد المؤمن إلى ربه, عبادة الصيام وخاصة في أفضل الأيام يوم عرفة فعن أبي قتادة الأنصاري t أن رسول الله _r _ سئل عن صوم يوم عرفة ، قال : "يكفر السنة الماضية والسنة القابلة" (18) ، فالحديث دليل على فضل صوم يوم عرفة وجزيل ثوابه عند الله تعالى حيث إن صيامه يكفر ذنوب سنتين . فينبغي للمسلم المقيم أن يحرص على صيام هذا اليوم العظيم اغتناماً للأجر، وينبغي ملاحظة أن الذنوب التي تكفَّر بصيام يوم عرفة هي الصغائر ، وأما الكبائر كالزنا وأكل الربا والسحر وغير ذلك ، فلا تكفرها الأعمال الصالحة بل لا بد لها من توبة أو إقامة الحد فيما يتعلق به حد. ثانياً: الإكثار من الذكر والدعاء: الذكر والدعاء من الأعمال التي يتقرب بها العبد المؤمن , قال النبي _r _ :"خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"(19), فالإكثار من الدعاء بالمعفرة والعتق في هذا اليوم من الأمور المهمة؛ لأنه يرجى إجابة الدعاء فيه، قال ابن عبد البر: (وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره، ... وفي الحديث أيضًا دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب وأن أفضل الذكـر: لا إله إلا الله)(20), ويذكر بعض العلماء في قوله_r_:"خير الدعاء دعاء يوم عرفة" بسبب أنه أجزل إثابة، وأعجل إجابة . فعلى المسلم أن يتفرغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، وليدع لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين، ولا يتعدى في عدائه، ولا يستبطئ الإجابة، ويلح في الدعاء، فطوبى لعبد فقه الدعاء في يوم الدعاء. من أحوال السلف بعرفة: أما عن أحوال السلف الصالح بعرفة: , ولقد وردت بعض الآثار تدل على اهتمام الصحابة والتابعين بالذكر ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا مع رسول الله _r _ في غداة عرفة، فمنّا المكبر ومنا المهلل… "(21) , ووقف مطرف بن عبد الله وبكر المزني بعرفة، فقال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي, وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لإله لولا أني فيهم!, ومنهم من كان يغلب عليه الرجاء: قال عبد الله بن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إلي، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.