قلت لرجل تعوّد شرب الخمر : ألا تتوب إلى الله ؟ فنظر إليّ بانكسار، ودمعت عيناه، وقال : ادع الله لي .. تأملت في حال الرجل، ورقَّ قلبي .. إن بكاءه شعور بمدى تفريطه في جنب الله .. وحزنه على مخالفته، ورغبته في الاصطلاح معه . إنه مؤمن يقيناً، ولكنه مبتلى ! وهو يَنْشُد العافية ويستعين بي على تقريبها .. . قلت لنفسي : قد تكون حالي مثل حال هذا الرجل أو أسوأ ! . صحيح أنني لم أذق الخمر قط، فإن البيئة التي عشت فيها لا تعرفها ، لكنّي ربما تعاطيت من خمر الغفلة ما جعلني أذهل عن ربي كثيراً وأنسى حقوقه ، إنه يبكي لتقصيره، وأنا وأمثالي لا نبكي على تقصيرنا، قد نكون بأنفسنا مخدوعين . وأقبلت على الرجل الذي يطلب مني الدعاء ليترك الخمر ، قلت له: تعال ندع لأنفسنا معاً: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وتَرْحَمْنا لَنَكونن من الخاسرين " . . حين اختارك الله لطريق هدايته ليس لأنك مميَّز أو لطاعةٍ منك ، بل هي رحمة منه شَمَلَتْك ،قد ينزعها منك في أي لحظة .. لذلك لا تغتر بعملك ولا بعبادتك ولا تنظر باستصغار لمن ضل عن سبيل الله فلولا رحمة الله بك لكنت مكانه.. ﴿ ولولا أن ثَبَّتْنَاك لقد كِدْتَ تَرْكَنُ إليهم شيئاً قليلاً ﴾ إياك أن تظن أن الثبات على الاستقامة أحدُ إنجازاتك الشخصية .. إذا قال الله عزوجل لسيد البشر عليه الصلاة والسلام .. (ولولا أن ثبتناك ...) الآيه .. فكيف بك !!؟