يقول علي الطنطاوي: مَنْ يرضى أن نجعل بيننا وبينه عهداً، (اتفاقية عند كاتب العدل) مدتها سنة .. نعطيه خلالها كل ما يطلب من مال، ونُسْكُنه في القصر الذي يريد .. في البلد الذي يختار، ونزوِّجه بمن شاء من النساء، مثنى وثلاث ورباع، ولو طلق كلَّ عشية واحدة، وتزوج كل صباح أخرى .. ولا نمنع عنه شيئاً يريده .. ولكنَّا إذا انقضت السنة علَّقْناه من عنقه على المشنقة حتى يموت؟ ألَا يقول: "تَعْساً وبُعْداً للذَّةِ سنةٍ بعدَها الموت؟ " ألا يتصور نفسه ساعةَ يُعلَّق على المشنقة، فيرى أنه لم يبق في يده شيء منها؟ مع أن ألم الشنق بعضُ دقيقةٍ وعذاب الآخرة دهر طويل .. ليس منا أحد لم يقارِف في عمره معصية، ولم يجد لهذه المعصية لذةً، أقلُّها أنه آثر متعة الفراش مرَّةً على القيام لصلاة الفجر .. فماذا بقي في أيدينا الآن من هذه اللذة التي أحسسنا بها قبل عشر سنين؟ وليس منا أحدٌ لم يُكْرِه نفسه على أداء طاعة، ولم يحمل لهذه الطاعة ألماً، أقلُّه الجوع والعطش في رمضان .. فماذا بقي في نفوسنا الآن من ألم الجوع في رمضان الذي جاء من عشر سنين؟ لا شيء .. ذهبَتْ لذَّاتُ المعاصي وبقي عقابها، وذهبَتْ آلام الطاعات وبقي ثوابها. وساعة الموت، ما الذي بقي لنا تلك الساعة من جميع اللذائذ التي ذقناها، والآلام التي حملناها ؟؟ اقرؤوا الحديث